محمد الأنصاري المدير العام
الجنس : تاريخ التسجيل : 25/01/2009 العمر : 48 الموقع : http://kwafl.blogspot.com/
| | الصورة الذهنية التي رسمها الإعلام للمعاقين | |
كثرت الدراسات على الجانب التأثيري للصورة على المشاهدين وأصبحت تصنع بعناية تأخذ أهميتها من الجانب التجريبي في البحوث العلمية فقسمت إلى صور ثابتة فوتوغرافية وأخرى متحركة تلفزيونية وسينمائية وكلاهما يتضمنان لقطات( قريبة, متوسطة,عامة) وهذه اللقطات تقسم بدورها إلى عدة أنواع أخرى وتأخذ زوايا نظر مختلفة مثل( فوق مستوى النظر, مستوى النظر, تحت مستوى النظر) ولكل من هذه اللقطات والزوايا معنى خاص يفهمه المتخصص ويأخذ تأثيره النفسي على المشاهد العادي فمثلا, أن زاوية فوق مستوى النظر تستخدم عادة في تصوير القادة والزعماء الذين يأخذون نوعا من التبجيل والاحترام وتعطي الشخصية داخلها حجما أكبر مما هي عليه وتسمى في المصطلح الفني بـ( زاوية العظمة) أما زاوية تحت مستوى النظر فغالبا ما تستخدم في حالات عدم التقدير والاحترام وتجعل الشخص داخل الصورة أقل حجما مما هو عليه وتسمى بـ( زاوية الاحتقار) أما إذا كانت الصورة متحركة فأنها تأخذ مدلولات أخرى كـ( الحركة البندولية, الحركة الحلزونية, الحركة المستقيمة... الخ) ولكل منها معنى واستخدام خاص. ولم يقتصر الأمر على هذا الحد فقد أخضعت الصورة إلى التجريب في محتواها الداخلي وأجريت عشرات التجارب التي تقيس مدى التأثيرات المحتملة على المشاهدين إذا تضمنت الصورة عددا من الكتل داخلها( أقل من 7 كتل, أكثر من 7 كتل) فكلما كانت تتضمن 7 كتل فأقل تكون أقرب إلى الاستيعاب والفهم وبالتالي التذكر لمحتوياتها وهي ترتبط نوعا ما بأرقام الهاتف السبعة الأساسية التي يسهل تذكرها وتأخذ بالصعوبة كلما ازدادت على هذا الرقم كما درس مكان هذه الكتل( أعلى يمين الصورة, أعلى الوسط, أعلى يسار, في مركز الصورة, أسفل الصورة يمينا ويسارا) ثم تطورت التجارب لتشمل تأثيرات اللون عليها( ملونة, غير ملونة)( 6 ) تأثير مصاحبة التعليق لها من دونه, وما زالت التجارب تترى لمعرفة المزيد من أسرار التأثير لهذا المكتشف التقني الهائل وفي إطار هذه المسألة يشير المفكر الفرنسي( ريجسيت دي بري) إلى ( أن اللغة الفرنسية فقيرة لا تحتوي سوى كلمة واحدة للدلالة على أشياء كانت اللغة الإغريقية القديمة تعبر عنها بخمسة عشرة كلمة, وتملك اللغة اليابانية عشرات الكلمات للتمييز بين الصورة الذهنية, والصورة المقدسة, والصورة المنقوشة, والصورة الزيتية, والصورة المستنسخة آليا, والصورة الفوتوغرافية, والصورة السينماطوغرافية, والصورة الأدبية)( 7) أن هذا التوجه لإحلال الصورة بدل الكلمة يأخذ مدلولات خطيرة إذا ما عرفنا أن الصورة تتجه مباشرة إلى الفورية في نقل الأحداث إلى مجموعات كبيرة من الناس وليس إلى شخص بعينه والفرق شاسع بين الوعي الفردي والجماعي كما هو معلوم أي إنها تتوجه إلى القاعدة العامة من الجماهير دون المرور على( الفلتر) الذي يمكنه أن يشذب ما يمكن تشذيبه, ولعلنا لا نأتي بجديد عندما نذكر أن بعض القنوات العربية قد برعت في هذا الجانب كثيرا( صناعة الصورة Image Marking ) وبدؤوا في تناول الأمور ما بين التشويه والتحسين وفقا لمصالحهم وأهوائهم موزعين الجهد على صناعة الأخبار وتأثيراتها( الرأي) وما تحمله من نجوم يمكنهم التأثير المباشر على متلقيهم من الشباب بطريقة( النمذجة) وهي نوع من الاندماج بين الشخصية( النجم) وبين من يحاكيها من الآخرين( الجمهور) عبر سلسة من القصص المحبوكة الكتابة والمعروفة المقاصد.. وصورة المعاق قد تتوزعت في القنوات الفضائية إلى عدة محاور
منها : 1- الأفلام السينمائية والمسلسلات الدرامية. 2- البرامج الوثائقية( الريبورتاج). 3- الموسيقى والأغاني . 4- الإعلان.
وغالباً ما تصور هذه المحاور المعاق بطرق متعددة لكنها تتفق على وحدة المضامين, فهي إما تصوره (لصاً) أو عضواً في عصابة , وهو ما بدأت به السينما 1898مع فليم توماس اديسون والمعنون" المتسول المزيف" وهو فليم قصير جدا" 50 ثانية" يتحث عن شخص يدعي الاعاقة لتحقيق مأربه الخاصة بخداع الاخرين!!( , ثم تاولت الافلام التي تناولت نفس الموضوعة او تدور في فلكها ومنها:
فليم المتسولون المحتالون للمخرج جميس وليامسون, فيلم خدعة المتسول للمخرج سيسيل هيبورث, فيلمي المتسول المحتال و الاعمى المزيف للمخرج سيجموند لوبين, فيلم خدعة الرجل الاعمى للمخرج ارثر كوبر,
وهي افلام قدمت صورة نمطية عن المعاق شكلت فيما بعد تقاطعا حادا باراء النقاد والدارسين حول اهميتها في كشف المخزون من الارث الثقافي والاجتماعي الغربي عن المعاق وسلبيتها في تقديم صورة مشوهة عنه في ذات الوقت, أو تصوره شخصية جيدة وتزرع فيه الامل كما هو الحال مع الفيلم المهم لشاري شابلن " اضواء المدينة" أو فيلم " افضل ايام حياتنا" في عام 1946 وهو من بطولة شخص معاق في الاصل. وفي دراسة قام بها معهد الدراسات المعلوماتية عن صورة المعاقين في الاعلام بينت مايلي:
1 انهم اشخاص خطرون واشرار 2 اشخاص عدائيون غاضبون. 3لوحات خلفية تكميلية(خلق جو) 4 اشخاص مثيرون للشفقة والعطف. 5اشخاص منحرفون وشاذون. 6اشخاص عاجزون وغير مهرة. 7اشخاص مهرجون ومضحكون. 8 اشخاص سيئون حتى على انفسهم. 9 اشخاص معجزون وخارقون. 10 اشخاص عالة على الاخرين. وهناك الكثير من الافلام السينمائية التي قدمت صورا من تلك التي صنفها المعهد وحصلت على جوائز عالمية مهمة منها: فليم " الطيران فوق عش الواق واق" 1975, وفيلم فوريست غم 1979, وفيلم رجل المطر 1988, وفيلم قدمي الشمال 1989, وفيلم اطفال الاله الاقل شأنا 1986.
اما السينما العربية فقد تناولت بشكل مبكر موضوعات الاعاقة كما حدث ذلك في السينما الغربية فقد قدمت السينما المصرية عام 1944 فليم " ليلى في الظلام" من اخراج نوجو مزراحي عن فتاة تفقد بصرها وترفض الاستمرار مع حبيبها ثم توالت الافلام التي تنهج نفس المنهج في التناول كما هو مبين في الجدول رقم (1) في ملحق البحث . وهذه الافلام قدمت المعاق بطريقة لا تختلف عن الموضوعات الاتي صنفها المعهد ايضا ولكن بطريقة تراوحت بين التقليد المشوه عن الفليم الغربي او تقديم صورة جيدة ومكافحة للمعاق (10 ), ولكن هذا النمط من الافلام قليل ونادر في ذات الوقت. ويتبين من فحص هذه الافلام انها قدمت انواع مختلفة من الاعاقة شملت:
1فقد البصر 2فقد الذاكرة 3الاضطرابات العقلية والنفسية والذهنية. 4التشوهات الجسدية 5فقد السمع 6اضطرابات التعلم 7التوحد واضطرابات السلوك 8العجز الوظيفي 9قصر القامة 10اصابات العمود الفقري اعاقات مختلفة اخرى.
وهي بالتالي حاولت استغلال نوع الاعاقة من اجل التأثير على المشاهد وقد انعكس ذلك سلبا على صورة المعاق في المجتمع لاقتران هذه الصورة بمثيلاتها في الافلام التي قدمتها السينما في تلك الفترات. وتشير الكثير من الدراسات التي اجريت على دور الصورة في إحداث التأثير على المتلقي وتغيير سلوكه في شتى المجالات الحياتية بجانبيها الايجابي والسلبي, ولعل الجانب الاخير اخذ حجماً اكبر من حيث الدراسة والاثر المتوقع حدوثه وخاصة تلك المتعلقة بالعنف والاطفال والجنس وغيرها ، ولكن اهم مايمكن تأشيره في هذا الجانب هو تحول الصور الوافدة سواءً تلك التي تبثها الفضائيات ام الصحف ام الافلام السينمائية وسائل الاعلام الاخرى الى مصادر حقيقية للصور الذهينية وبالتالي بدأ الانسان بفقدان صوره التي انشأها هو لصالح الصور الجديدة بطريقة لا يمكن تصورها ويشير ( جيري ماندر ) الى ( ان الفضائيات تعد اليوم واحدة من اهم مصادر الصورة . فإذا كان الناس يتلقون الصور التلفازية بنسبة اربع ساعات يوميا فمن الواضح انه مهما كانت فوائد الصور التي يحملها الناس في افكارهم فإن الفضائيات الان هي مصدرها"( 11) وإذا كان هذا هو حال الصورة في الأفلام السينمائية التي تطول قائمة الاستشهادات بها، فإن حال التلفزيونات لا يختلف كثيراً عن حال السينما، فغالباً ما تظهر صورة المعاق، ولو بشكل خاطف، في البرامج التلفزيونية بطريقة تثير الكثير من التساؤلات. فغالبا ما تستخدم مفردات في البرامج الدرامية او البرامج الحوارية تسيئ للمعاق وتصف الاشخاص السلبيين بـ ( العجزة , العميان, الاطرش, الاخرس, العالة) وغيرها من المفردات التي تستخدم العاهة الطبيعية بشتم الاخر دون الالتفات لالاف المعاقين الذي يشاهدون او يتابعون هذه البرامج.
كما تعمد معظم المحطات التلفزيونية إلى تقديم المعاقين الذين تلتقيهم في مناسبات مختلفة بصورة هامشية مما يرسخ في الأذهان وبطريقة غير مباشرة الفارق الثقافي والاجتماعي بينهم وبين الآخرين ، وحتى في حالة التناول التي يقصد بها نوع من التعاطف الإنساني معهم نتلمس نوعا من التقديم الفني المعتمد على استدرار العطف اكثر من ابراز الصورة الحقيقية او الانسانية لهم. وإذا تعدينا البرامج إلى الأغاني فالقائمة ستطول أيضا فبعض الأغاني تأخذ صورة المعاق وتقدمها كجزء من حكاية تعتمد الشك والريبة مثل اغنية" لا تكذبي" للفنانة نجاة الصغيرة او كفقرة كوميدية مستغلة هذا الجانب او ذاك من الاعاقة الجسدية او البصرية, ويمكن تشخيص ذلك في اغاني الفديو كليب العربية مثل اغنية "قرب اليا" للمطرب ساموزين او اغنية " وين انته" للمطرب حبيب علي.
استنتاجات
. ومن خلال ما تقدم يمكن استنتاج ما يلي:
1- قدمت الأفلام السينمائية انواع مختلفة من المعالجات لصورة المعاق تراوحت بين التشويه والذي يمكن تلمسه من خلال مواقع التصوير والأزياء والديكورات، وتحاول الإساءة للقيم الإنسانية التي يملكونها. وصورة المعاق المكافح والذي يحاول ان يجتهد لتقديم افضل ما يمكن دون النظر الى اعاقته كونها حائلا دون طموحاته واماله في الحياة.
2- تناول الفضائيات قضايا المعاقين بطريقة هامشية ولم تعطهم حقهم الطبيعي من الاهتمام.
3- محاولة استغلال صورة المعاق بطريقة كوميدية في الأغاني والموسيقى وتضمينها العديد من المعاني التي تسيء للمعاق وترسخ بعض الصور النمطية عنه.
4- يقدم الإعلام العربي المعاق كشخص هامشي .
5 ما يحسب لبعض الفضائيات انها افردت زاوية لتقديم الاخبار بطريقة الاشارة للمعاقين الصم والبكم . نقلا عن مجلة الشبكة السعودية لذوي الإعاقة******تقبلوا تحياتي وشكرا. | |
|