هنا فى[ملتقى القوافل]حيثُ يُسمَحُ لكلِّ صَحْراويٍّ بورُودِ جميع الموارِدِ المشتركة أجدُ نفسِي مُضطرّا للإدلاءِ بدلوي بين الدِّلاءِ؛فربما سيأتي بحمأةٍ وقليل ماء..فأقُولُ وبالله التوفيق:نحن لنا الحقُّ فى الكفاحِ لاستعادةِ حقُوقنا المستلبة"نعم،ولنا حقُّ الدِّفاع عنها"مهما كان الثمن"نعم!.ولكن كي لا نُتّهمَ بالغلوِّ ولا بالجفاءِ علينا أن لا نَطلُب أكثرَ ممّا أعطاهُ[القانُونُ الدَّوليُّ]لأمثالنا،وأن لا نستعمل وسائل غير مشروعةٍ أثناء كفاحِنا لاستخراجِ حقوقنا،وذلك باستِعمالِ الطُّرُقِ السِّلميّةِ وليس العنف؛ثمّ بإشراكِ أصحابِ الحقِّ ودمْجِهم جميعًا فى برنامجٍ سلميٍّ مُّشتَرك؛فلكُلِّ طَرفٍ من الأطراف المعنيَّةِ حقُّ المشارَكة لاستخراج نصيبه وعرضِ رأيه بين الآراء؛فالسّاحةُ العامَّة ملكٌ للجميع وليست ملكًا لأيِّ طرفٍ بعينه."ولكي يجمع الشُّركاءُ بين الرّفق وعدم تسْويغِ الأخطاءِ"عليهم النّظرُ والتدقيقُ ووزنُ الأمُورِ بميزانِ العدلِ والإنصاف،وعدمِ تحكيم الأهواء؛فللشّريك على شريكِه حقُّ المشاركةِ فى المكاسبِ واقتِسامِها مُناصفةً،بل وحتى المغارم،وعليه الوقُوفُ إلى جانبه،وتمكينِه من نيل حقُوقِه بلا عناءٍ ولا مشقَّةٍ،وعليه احترامُ خصوصيّاتِه أيضًا؛فلا يُرغمُه على تقديمِ التنازلاتِ مُقابِلَ حُصُولِه على حُقُوقِه؛ولا يحمِلُه على إعطاءِ الدنيّةِ من دينه لكونِه مستَضعَفًا فى رأيِه؛لأنَّ الضعفَ قد يزول فينتقمُ منه،ولكلِّ طرفٍ الحقُّ الكامل فى رفضِ كُلِّ ما يخترقُ الحدُودَ المشتركةَ والأعرافَ ويخالفُ الشَّرائعَ والقوانين؛فإنَّ الاختراقَ المنظَّم مُحرّمٌ فى الدّين والعُرفِ والقانُون.. ولكي ينجحَ المشرُوعُ وتستمرَّ الشّراكةُ وتتوطَّدَ العلاقاتُ يجبُ على حُكماءِ جميعِ الأطراف تركُ الثوابتِ ثابتة!!.
علينا أن نُّناضلَ عن قيمِنا وثوابتنا التي تتمثّلُ فى وحدةِ تُرابِ الوطن،ووحدةِ الأمَّةِ والشّعب،وتوفيرِ الأمن،وأُخوَّةِ الدِّينِ،واستقرارِ المجتمع،ومُحاربةِ الأفكارِ الهدّامة،وعلينا العملُ بجدٍّ لبناءِ المستقبل بالعلم والمال؛وتنمية المواهبِ والقدُرات،وتطويرِ المجتمع،واستعادةِ هيبته،واستغلالِ المواردِ وتوزِيعِها توزيعًا عادِلاً يرضى به الجميع.
وعلينا أن نُحرِّم على أنفسِنا رفعَ السِّلاحِ لاستحلالِ ما حرّم الله..ونعملَ معًا على ردْمِ بُؤرِ التّوتُّرِ والاحتقانِ التي تُشْعلُ الخلافاتِ المذهبيةَ وتُؤجِّجُ نيرانَ الحرُوبِ الطائفيةِ والعرقيةِ بين أبناءِ القُطرِ الواحد..
وعلينا الحفاظُ على أمننا الفكريِّ والاجتِماعيِّ،وعدمِ طَرح المسائلِ الخلافيّةِ القائمةِ على استفزازِ الطّرَفِ الآخَرِ أو التي تمسُّ المقدساتِ والثوابتِ بسُوءٍ،وتقدحُ فى الأصُولِ وتنبشُ الأحقادَ الدّفينة..فإثارةُ مثل هذه المسائلِ من طَرفٍ واحدٍ فقط يُعتبرُ فتحًا لبابِ الفتنةِ وهُو بابٌ نريدُ إغلاقَه أوّلاً.ولا مانع مع ذلك من استعمالِ كافةِ الوسائل المشروعةِ لنيلِ حقُوقنا.. كقولِ الحقِّ وإنكارِ المنكرِ والأخذ على أيدي الظالمين،ولكن بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ..
ولا مانع أيضًا من نِّقاشِ أيِّ موضُوعٍ من المواضيع الشّائكةِ نقاشًا علميًّا هادئًا تُشاركُ فيه جميعُ الأطرافِ وتعلِنُ رأيَها بكلِّ صَراحةٍ وواقعيةٍ.. ولكن بدُونِ اختراقٍ للثوابتِ اختراقًا مُنظَّمًا يدغدغُ العواطفَ ويحرِّكُ المشاعرَ ويوقظُ المارد،ويهدمُ الأركان..
وعلينا تثبيتُ دعائمِ الأمُور على أساسٍ متينٍ من المودّةِ والرّحمةِ،وأن نَّعملَ على تهيئةِ مَناخٍ وُدِّيٍّ لتحقيقِ التَّعايُشِ المشتركِ،وتقريبِ وجهَاتِ النظرِ،وتقويةِ العلاقاتِ والرّوابطِ الإجتماعيةِ والشعبيةِ والوطنيةِ.
ولكي ننعمَ بالاستقرارِ ونهنأ بالأمن"علينا فرضُ القانُونِ،وتحكيمُ شرْعِ الله تعالى"لإحقَاقِ الحقِّ،وإبطَالِ الباطِل،وإعطَاءِ كُلّ ذِي حَقٍّ حقَّهُ. فقد ثبتَ بالتَّجرُبةِ أنه لا أمنَ ولا استقرارَ للمجتمع إلا بتحكيمِ شرْعِ الله والعدْلِ بين الناسِ فى الجزاءِ والعقابِ!.