الكاتب خالد الخميسي لـ "محيط":
المصريون وجدوا أنفسهم بـ"التاكسي" و"السفينة"
|
| |
| الخميسي | <td width=1> |
محيط – مي كمال الدين
صاحب "تاكسي..حواديت المشاوير" أحد أكثر الكتب المصرية مبيعاً وترجمة حول العالم ، والذي أصدر مؤخرا كتابا يلخص فيه مواجع المصريين كعادته وأسماه "سفينة نوح" .. هو الكاتب الشاب خالد الخميسي والذي التقته شبكة الإعلام العربية "محيط" ودار الحوار حول بداية الخميسي ورؤيته لأحلام المصريين وواقعهم والحراك الثقافي الذي يدفعه جيل الشباب في الوقت الراهن .
محيط: انت ابن الشاعر الكبير عبدالرحمن الخميسي .. فهل انتماؤك لعائلة أدبية دفعك للكتابة؟
الخميسي: بالتأكيد لا . الانتماء لعائلة أدبية لا يدفع أي إنسان للكتابة، ولكن الذي يدفعه هو رغبة ملحة للكتابة، فكثير من أفراد عائلتي لم يتجهوا للكتابة بينما أفراد من عائلات أخرى أصبحوا كتاباً كباراً دون أن يكون لعائلتهم أية صلة بهذا المجال، فالأمر لا يتعلق بالانتماءات العائلية.
ولكن لا شك أن انتمائي لعائلة تعمل بالحقل الأدبي والصحفي وفر لي العديد من مصادر المعرفة منها وجود مكتبة كبيرة تزخر بالكتب والجرائد، كما سمحت لي هذه العائلة بوجود لقاءات داخل المنزل تضم الكثير من الأدباء والشعراء والمثقفين، وهو الأمر الذي نمى معارفي بصورة مبكرة.
محيط: لماذا تأخر ظهور أول كتاب لك ؟
الخميسي: لكل إنسان لحظة معينة تتفجر فيها طاقاته فالكتابة الصادقة وليست الإحترافية هي عملية ضغط داخلي ينتج عنه كتابة .
ومن ناحية أخرى أذكر أنني في بدايتي كنت أشعر بحالة من الخواء وعدم الإحساس بجدوى الكتابة ، وكنت أقول لماذا أكتب طالما أن الثقافة ليست سائدة ولن أجد من يقرأ لي .
جرى كل ذلك وأنا لازلت أدرس ، و كنت أفكر أيضا انصراف الدولة عن دعم المثقفين والثقافة ، وقد شهدت فترة الثمانينات هجرة المثقفين المصريين للخارج وبالأخص حينما شن الرئيس المصري الراحل أنور السادات حرباً شعواء على المثقفين المصريين .
حينما تخرجت كان معظم المثقفين البارزين في مصر قد هجروها للخارج ، فلم يكن لدي قدوة ، ومن وجدته منهم كان يشعر بالإحباط أو له علاقات مريبة بالسلطات في مصر ، وأعتبر أنها كانت فترة صعبة بتاريخ مصر الثقافي ، تحملها جيلي ومنا من كان شديد الموهبة ولكنه لم يكتب أبداً كرد فعل للعوامل السابقة .
|
| |
| | <td width=1> |
محيط: نجاح "تاكسي" هل كنت تتوقعه؟
الخميسي: لم أكن أتوقع نجاح "تاكسي"، فأنا ضد فكرة التوقعات، وقد كان كتابي الأول ، وحينما أصدرته كنت أشك هل له معنى فعلا أم لا ، لأن الكتابة بها قدر كبير من الذاتية ، وقد تأكد لي من حوارات كثيرة مع كتّاب أن الحالة المعنوية لأي كاتب تتحرك مثل البندول من الثقة المطلقة فيما يكتب لانعدامها تماماً.
وقد حضرت ندوة لمناقشة كتاب ، وسُئل مؤلفه هل توقع النجاح لكتابه ؟ ، وكان رده أنه درس السوق جيدا والحالة الثقافية وكتب ما يعتقد أنه سينجح ، أما أنا فعلى خلاف ذلك تماما ، وكما ذكرت أنا أكتب للتعبير فقط عن نفسي بغض النظر عن القراء وأعدادهم او مدى نجاح الكتاب ، ولا أنكر أنك بعد أن تسلم مادة كتابك لدار النشر تتمنى ان يجد قبولا لدى المجتمع بالتأكيد ، ولكن هذه الأمنية تكون بعد الكتابة وليست سابقة عليها.
محيط: ما الرسالة التي حملها لك نجاح "تاكسي"؟ وهل كان هو ما يبحث المصريون عنه ؟
الخميسي: لست ناقدا أدبيا لكي أحدد أسباب نجاح الكتاب، فعندما صدر كتاب "سفينة نوح" كان مختلفاً تماماًً في النص والموضوع والمنهجية والشكل وبالتالي إذا قلنا أن "التاكسي" هو ما يبحث عنه القارئ، فقد كتبت في "سفينة نوح" شيئا مختلفا في البناء واللغة، ولست مقتنعاً بأن هذا هو ما يبحثون عنه، وليس دوري أن أبحث عما يطلبه القارئ ؛ لأنني لست تاجراً أبحث عن متطلبات السوق.
أرى أن الكتابة الصادقة التي تنبع من القلب والروح تصل للقراء وتنجح، ويشترك في ذلك كل الأشكال الإبداعية.
وأنا ضد إرجاع أسباب نجاح أحد الكتب لنوعه ، فقد نجحت مع "التاكسي" إصدارات كثيرة أخرى وفي نفس الوقت منها مثلا رواية "عمارة يعقوبيان" و"شيكاغو" لعلاء الأسواني، و"عزازيل" ليوسف زيدان، رغم أنه لا يوجد علاقة بين الكتب الثلاثة بناءا ولا نصا ، فلا "تاكسي" نجح لأسلوبه السهل ، ولا نجحت "عمارة" لنقدها للدولة ، ولا نجح "عزازيل" لتفنيده العقيدة المسيحية ، والحق أن هناك كتابا حقيقيون يرفضون الواقع ويسعون للمعرفة .
ونتج عن حالة الحراك الثقافي التي نشهدها زيادة هائلة في أعداد الكتب ودور النشر، والمواقع الصحفية الإلكترونية، فبينما كانت الصحف في العالم كلها تغلق أبوابها فتحت في مصر العديد من الصحف خلال السبع سنوات الماضية مثل "المصري اليوم" ، و"الشروق" وغيرها، وهو بالمناسبة حراك يحتاج لتفكير عميق بشأنه ورصد ، فنحن مقبلين على مرحلة يشارك فيها أبناء مصر بوعيهم في بنائها وينقدون أوضاعها .
محيط : لماذا كتبت "تاكسي" بالعامية ؟ وهل كانت روايات السائقين واقعية أم متخيلة ؟
الخميسي: لم اسمع هذه الحكايات فعلاً من سائقي التاكسي فهو عمل أدبي مؤلف بالعامية، وهو تجربة غير معاشة ولكن قصصه واقعية لأنها مستمدة من الواقع وممثلة له، وجوهر فكرته هو كتابة حواديت ممثلة للشارع المصري وتتكرر فيه مئات المرات يومياً، ومحاولة لكتابة نص يعبر عن الشخصية المصرية وما يحدث في الشارع المصري في الفترة من 2005- 2006.
محيط: كانت لك تجارب مع الكتابة والإنتاج والإخراج ونشر الكتب ، فما هو المجال الذي تود التفرغ له مستقبلاً؟
الخميسي: حلمي منذ البداية أن أكون كاتباً وأتفرغ لذلك وما خضته من تجارب كانت جميعها تصب في بوتقة الثقافة، إذن فالكتابة هي المهنة التي أرغب في الاستمرار بها ، أما عن تفرغي لها كمهنة فالأمر يتعلق بالإمكانات المادية التي ستوفرها لي وهل هي كافية أم ستضرني الظروف للعمل بمجالات أخرى .
|
| |
| سفينة نوح | <td width=1> |
محيط: حدثنا عن احدث إصداراتك "سفينة نوح" ..
الخميسي: تناقش رواية "سفينة نوح" فكرة خروج المصريين من بلدهم، والذين أصبحوا يجدون مشكلة كبيرة للحياة في ظل انعدام فرص العمل بوطنهم ، وانعدام الأمل في الغد، وفي حياة مستقرة، والزواج وضمان فرص حياة كريمة لأولادهم، وبسبب عدم وجود مشروع قومي نندرج جميعاً تحت لوائه، ونتيجة الفيضان الذي بدأ يضربنا بعنف فلا يوجد سبيل سوى أن نلجأ جميعا للسفينة التي نخرج بها من البلد.
الفكرة جاءت من كون "سفينة نوح" أنقذت من ركب بها، وما يحدث الآن في مصر نفس الشيء يوجد فيضان، لذلك يجب أن ننقذ أنفسنا من الغرق بالقفز في سفينة تقودنا خارجها، الموضوع أعمق من مسألة الهجرة الغير شرعية ويتناول الحالة العامة السائدة والتي يتألم منها الغني كما الفقير.
محيط : .. وماذا عن رواية "ثلاثون ليلة وليلة"؟
الخميسي: مازلت أكتب في هذه الرواية وتدور فكرتها حول زوج وزوجة يقعان في أزمة عائلية ضخمة تهدد حياتهم الزوجية ونظل معهم لمدة 31 يوما نراقب ما يحدث داخل العائلة المصرية من مشكلات وأزمات والتي ترتبط بخلخلة القيم التي حدثت في المجتمع المصري وانعكاسها السلبي على العائلة المصرية.
وهنا نتحدث عن الشريحة العليا من الطبقة المتوسطة، فبينما تحدث "تاكسي" عن الشريحة الدنيا والطبقة الفقيرة، وتناولت "سفينة نوح" شرائح مختلفة، تأتي "ثلاثون ليلة وليلة" لتتحدث عن شريحة أخرى من المجتمع.
محيط : ما هو الخيط الذي يربط كتب خالد الخميسي؟ وهل تصنف نفسك سياسيا كمعارض ؟
الخميسي: الذي يجمع بين الكتب الثلاثة هو الهم العام والرصد للمجتمع المصري، وأنا اكتب من خلال ذلك ومن خلال ألمي الفادح لما يحدث في المجتمع الذي أحيا فيه، وأنا لا أقوم بأي نشاط سياسي ولكني على المستوى الفكري معارض لسياسة الحكومة .
** خالد الخميسى في سطور ..
خالد عبد الرحمن الخميسى مؤلف وإعلامي ومنتج ومخرج وكاتب سيناريو، تخرج من كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1984 قسم علوم سياسية، سافر إلى باريس وتابع دراسته في العلوم السياسية بجامعة السوربون وتخصص في السياسية الخارجية، وينتمي الخميسي لعائلة أدبية حيث كان والده عبد الرحمن الخميسي أديباً ومؤلفاً وكذلك جده مفيد الشوبشي، قام بإنشاء شركة للإنتاج الفني أنتجت عدد من المسلسلات منها "طيور الشمس" ومسلسل "جائزة نوفل" إلى جانب مجموعة من الأفلام التسجيلية، ومسلسل الأطفال "ظاظا وجرجير"، وله العديد من المقالات المنشورة بالصحافة المصرية .