صحراءميديا :
الإرهاب في موريتانيا والتحديات المستجدة
لعل ما فاجأ المراقبين أكثر في التفجير الانتحاري الذي حدث علي مقربة من السفارة الفرنسية والذي تم من خلاله استهداف دركيين فرنسيين ، كونه يأتي بعد مرور اقل من أسبوع علي خطاب تنصيب الرئيس المنتخب محمد ولد عبد العزيز الذي تعهد فيه انه "لن يدخر جهدا في مكافحة الإرهاب وأسبابه".
تزامن التفجير مع الخطاب وفق هؤلاء أمر يحمل أكثر من دلالة حيث أن الإرهاب في موريتانيا بدء يتعدي مرحلة الفكر والتنظير الي مرحلة التنفيذ والتفجير.
ما يجمع عليه المحللون السياسيون في المنطقة أن دول المغرب العربي باستثناء موريتانيا استطاعت وبشكل متفاوت القضاء علي هذه الظاهرة أو علي الأقل تحييد عناصرها وجعلهم يتحركون في دائرة بعيدة عن مركز البلد ومنشئاته الحيوية.
فالجارة الجزائر تمكنت إلي حد كبير خلال السنوات الأخيرة بفضل سياسة أمنية وعسكرية صارمة تجاه عناصر التنظيمات الإرهابية فيها من إبعاد هؤلاء إلي مناطق صحراوية بعيدة جدا عن مدنها الكبيرة ، كما يشير المراقبون الي السياسة الحازمة التي تم انتهاجها في المغرب بعيد هجمات الدار البيضاء والتي أدت إلي انعدام شبه كلي للأنشطة الإرهابية داخل حدود المملكة.
كما أنه لم يعرف للجماعات الإسلامية المسلحة أي نشاط يذكر في كل من تونس وليبيا نتيجة يردها البعض الي السياسات الأمنية الصارمة التي تنتهجها السلطات الأمنية في تونس وطرابلس حول هذا الملف.
كل هذه السياسات اجتمعت لتفتح أعين قادة الجماعات الإرهابية في المنطقة علي دول تتميز بهشاشة الوضع الأمني فيها وضعف مؤسساتها الإستخباراتية و العسكرية وحدودها المشتركة مع دول المنشأ خصوصا الجزائر، الأمر الذي دفع بهؤلاء لتوجيه اهتمامهم صوب دول من قبيل مالي والنيجر وموريتانيا.
ووفق المراقبين فإنه كان للحدود الكبيرة التي تربط الجزائر بموريتانيا وطبيعة شعبها المتدين دور مهم في تركيز انتباه زعماء القاعدة عليها ، الأمر الذي أدى إلى تجنيد مجموعة من الشباب الموريتاني ضمن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وتدريبهم علي حمل السلاح في مخيمات عسكرية يشرف عليها قادة التنظيم في الحدود بين الجزائر وموريتانيا ومالي.
لم يجد هؤلاء في ما يبدوا الكثير من الصعوبات في عملية الدخول إلى عمق الدولة الموريتانية وتجنيد آخرين للالتحاق بالتنظيم الأم وإعادتهم بنفس الطريقة إلى موريتانيا للقيام بعمليات تمليها قيادة "القاعدة"، ففور انتشار خبر انفجار أمس أعلنت السلطات الأمنية في نواكشوط عن أن الأمر يتعلق بشاب مطلوب لها استطاع الدخول إلى نواكشوط بحزامه الناسف قادما من مالي قبل عشرة أيام، كما انه سبق لجهات أمنية أن حذرت من وجود أفراد من القاعدة دخلوا بنفس الطريقة وبنفس الأحزمة الناسفة.
الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة أجهزة الأمن الموريتانية علي رصد تحركات هؤلاء والتمكن من القبض عليهم فور ولوجهم الحدود الموريتانية أو علي الأقل حدود مدينة نواكشوط التي تعتبر مدينة مفتوحة الحدود من الصعب السيطرة على مداخلها الكثيرة والغير رسمية في ظل التنامي الملاحظ لأنصار هذه الجماعات داخل موريتانيا.