انتصار الحق والعدل في مواجهة الظلم.. المقرحي حر طليق
العرب:
وأخيرا تم إطلاق سراح عبد الباسط المقرحي، وانتصر الحق والعدل في مواجهة منطق الغطرسة والظلم الذي دأبت على ممارسته قوى دولية تجاه العالم الثالث وقضاياه وصارت تضع أنفها في كل شيء دون وجه حق، ونعني هنا الإدارة الأمريكية الحالية التي حاولت أن تمارس الكثير من الضغوط على دوائر سياسية رسمية في اسكتلندا للحيلولة دون تحقق هذه الخطوة الإنسانية التي تنم عن مدنية وتحضر، وهي خطوة نحيي الحكومة الاسكتلندية على جرأتها فيها.
إن إطلاق سراح المقرحي فيه انتصار مدو للحق التي سبق لصحيفة "العرب" أن لفتت إليه الأنظار زمنا طويلا وقالت إن المقرحي وليبيا من ورائه لا ناقة لهما ولا جمل في ما جرى في لوكربي وغيرها..
كنّا نعرف أن دوائر امبريالية ناصبت العداء للجماهيرية بفعل مواقفها المنتصرة لقضايا التحرر واستقلال القرار الوطني للكثير من الشعوب والدول فلفقت لها قضية لوكربي واستثمرت الأجواء الدولية التي شهدت بداية سقوط حلف وارسو وصعود القطب الأمريكي الواحد للإيهام بمسؤولية ليبيا عن ذلك.
إن هذا القرار الشجاع الذي أقدم عليه وزير العدل الاسكتلندي لم يكن ليتم لولا هذا التعاطف الدولي الواسع مع المقرحي ليس فقط لحالته الصحية، وإنما لإيمان الكثيرين بمن فيهم البعض من عائلات الضحايا بأن الرجل بريء وأن القضية ملفّقة ومزوّرة وأن وراء الأكمة ما وراءها، ولهذا كان القرار منتظرا وكان الرأي العام الدولي وخاصة المنظمات الحقوقية المدافعة عن المقرحي واثقة من هذه الخطوة.
وإننا وإن كناّ لا نستغرب حرص السيدة هيلاري كلينتون وبعض أعضاء مجلس الشيوخ على معارضة الخطوة الاسكتلندية، فالأمريكيون عوّدوا العالم بأنهم لا يقيمون وزنا للحق ولا يراعون شيئا غير مصلحة إمبراطوريتهم التي تمارس القتل الجماعي والعبثي في العراق وأفغانستان، فإننا نود أن ننوه هنا إلى التعاطي الإيجابي الذي أبدته الدبلوماسية الليبية مع هذا الملف.
فقد كان الهدف الأول هو إطلاق سراح المقرحي وإعادة الحرية إليه مع الحفاظ على المصلحة العليا للشعب الليبي وتفويت الفرصة على المناوئين الذين يسعون إلى أن تظل ليبيا في عداء مفتوح مع العالم بما يعطّل جهودها في التنمية والتطوير والتحديث ويمنع اندماجها في الاقتصاد العالمي.
ولقد رأينا كيف أن انفتاح ليبيا على أوروبا مثلا حوّلها في وقت قصير إلى قبلة للشركات الاستثمارية العالمية الكبرى لما تمتلكه من إمكانيات نفطية وفرص واعدة للاستثمار، فضلا عن كونها صارت بوابة فعلية لأوروبا باتجاه أفريقيا لا غنى عنها في الشراكة الاقتصادية والسياسية والأمنية بين القارتين.
ولقد نجحت الدبلوماسية الليبية قبل هذا في أن تسحب البساط من تحت أرجل المناوئين سواء في قضية لوكربي ذاتها التي اتهم فيها المقرحي والجماهيرية ظلما، أو في قضية الممرضات البلغاريات التي حققت فيها ليبيا نصرا إعلاميا وسياسيا وقضائيا توّجتها بالخطوة الإنسانية التي أعلن عنها القائد معمر القذافي بإطلاق سراح المدانات في القضية على أن يتممن الحكم في بلادهن.
هنيئا للسيد المقرحي ولعائلته وللشعب الليبي بهذه الحرية، وهنيئا لليبيا بهذه الدبلوماسية الهادئة التي حققت الكثير من المكاسب.
الجمعة أغسطس 21, 2009 7:53 am من طرف محمد الأنصاري