|
جانب من مهرجان المعارضة الذي نددت فيه بتصريحات ولد محمد خونا (الجزيرة نت)
|
أمين محمد-نواكشوطعاد الجدل بقوة في الساحة الموريتانية خلال الأيام الماضية حول الموقف من
القضية الصحراوية إثر تصريحات للسفير الموريتاني في الرباط الشيخ العافية ولد محمد خونا اعتُبِرت اعترافا ضمنيا بمغربية الأراضي الصحراوية.
وأثنى ولد محمد خونا في تصريحاته على الإعمار الذي تقوم به السلطات المغربية لتلك المناطق، وقال إن زيارته لها مكنته من الوقوف على الجهود الجيدة المبذولة من "قبل السلطات العمومية" هناك.
تصريحات ولد محمد خونا فجرت انقساما شديدا في البرلمان وفي الساحة السياسية بشكل عام، حيث نددت منسقية المعارضة خلال مهرجان لها الأربعاء بتلك التصريحات واعتبرتها انحيازا لأحد طرفي الصراع، وإخراجا لموريتانيا من موقفها الطبيعي وهو الحياد الإيجابي بين الطرفين.
وحذر رئيس مجلس النواب مسعود ولد بلخير من مغبة الانحياز لأحد طرفي الصراع، وقال إن إخراج موريتانيا عن موقف الحياد يعني القضاء عليها نهائيا، ويعني استعداء الصحراويين عليها، وهو ما لا قبل لها به.
وطالب ولد بلخير الجمهور برفع الأيدي للتنديد ومطالبة الرئيس محمد ولد عبد العزيز بوقف الانحياز للطرف المغربي، وأضاف "نحذر ولد عبد العزيز من اللعب بالنار".
وكان حزب اتحاد قوى التقدم ذو التوجه اليساري قد دان بقوة زيارة السفير الموريتاني للمناطق الصحراوية، واعتبرها –في حد ذاتها بغض النظر عن التصريحات التي أعقبتها- خروجا عن الحياد، وتطورا خطيرا يخرج عن الموقف الرسمي لمختلف الأنظمة الموريتانية الذي ظل منذ عام 1979 يتمسك بالحياد الإيجابي وبحق الصحراويين في تقرير مصيرهم طبقا للشرعية الدولية.
وطالب الحزب في بيانه السلطات القائمة بالتراجع عن هذا التوجه، ومحاسبة من خططوا لهذه الزيارة "التي مثلت إقحاما لموريتانيا في صراع لا علاقة لها به، وهو ما يشكل تهديدا جديا لأمن واستقرار
موريتانيا".
|
الرئيس الموريتاني مطالب من قبل البرلمان بوقف الانحياز للمغرب (الفرنسية-أرشيف)
|
سحب اعترافبالمقابل لم يجد آخرون في تصريحات ولد محمد خونا ما يدعو للرفض، أو حتى للتحفظ.
وتطورت النقاشات داخل البرلمان إلى درجة أن أحد نواب الأغلبية الحاكمة وهو المصطفى ولد عبد العزيز المكي (ابن عم الرئيس الحالي) طالب الحكومة بسحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية بعد نحو ثلاثة عقود من توقف الحرب بين موريتانيا والصحراء، وانسداد الأفق أمام أي حل توافقي لمشكلة الصحراء.
وأضاف في مداخلته أمام مجلس النواب، أن موريتانيا ليست بدعا في ذلك، فعدد من الدول الأفريقية ودول أميركا اللاتينية قد اتخذت الخطوة ذاتها بسحب الاعتراف، بعد خيبة الأمل، وتراجع أي أمل في تسوية القضية بالتراضي.
لكن الحزب الجمهوري للديمقراطية والتجديد (الحاكم سابقا) الذي ينتمي إليه النائب ولد المكي، أوضح أن التصريحات التي أطلقها النائب لا تلزم إلا نفسه، وأن الحزب الجمهوري ملتزم بالموقف الرسمي للدولة الموريتانية وهو موقف الحياد الإيجابي بين الطرفين.
وكان النائب المعارض محمد المصطفى ولد بدر الدين قد رد على طلب ولد المكي في جلسة برلمانية بالقول إن موريتانيا لا يمكنها لأسباب مختلفة أن تتخذ سوى الموقف الحيادي.
وأكد أنه سيمارس حقه البرلماني في مساءلة وزيرة الخارجية حول تصرف سفير موريتانيا في المغرب وتصريحاته التي أدلى بها عقب زيارته لمدينة الداخلة بالصحراء الغربية.
|
قادة المعارضة يقفون على المنصة أثناء المهرجان (الجزيرة نت)
|
جدل صحفي
ولم يتوقف الجدل عند السياسيين فقط، بل امتد أيضا إلى الصحفيين والكتاب حيث نشرت مقالات وكتابات تدعم وتزكي موقف هذا الطرف أو ذاك.
كما دخل الكتاب الصحراويون أنفسهم على الخط تنديدا وعتبا في الغالب على ما يخشون أن يكون موقفا جديدا لموريتانيا، أو في الحد الأدنى لسفيرها في الرباط، في حين لاذت السلطات الرسمية في نواكشوط بالصمت تجاه الجدل الدائر.
وكتبت خديجة حمدي حرم محمد ولد عبد العزيز زعيم جبهة البوليساريو مقالا في موقع اتحاد الصحفيين والكتاب الصحراويين بعنوان "فن الورطة".
وقالت خديجة في مقالها إن زيارة السفير الموريتاني وحرمه لمدينة الداخلة "المحتلة" كانت "توريطا خبيثا لموريتانيا"، وهو التوريط الذي "يدخل في سياق بحث المغرب كل مرة عن ضحية تحمل عنه أوزار ونكد قضية الصحراء الغربية كما فعل بإسبانيا مؤخرا".
وكان السفير الموريتاني بالمغرب قد قال في تصريحات عقب جولة نظمها المغرب لمجموعة من السفراء إلى المناطق الصحراوية المتنازع عليها، إن مدينة الداخلة "تحظى باهتمام خاص، كما تشهد على ذلك المنجزات المحققة والورش التنموية الكبرى الجاري تنفيذها".
وأضاف "بكل صراحة تفاجأت كثيرا بمدى هذا التقدم"، وهو ما يعني في نظره أن الداخلة ستجذب المستثمرين.
وتابع "أنا مقتنع بأن المنطقة بصدد بناء مستقبل واعد لنفسها"، مشيرا إلى أن زيارته مكنته من الوقوف على "الجهود الطيبة المبذولة من قبل السلطات العمومية من أجل تنمية المنطقة".