حقيقة الصبر

الصبر هو حبس النفس على ما تكره وأما حقيقته :فهو خلق فاضل من أخلاق النفس،يمتنع به من فعل مالا يحسن ولا يجمل،وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها وقوام أمرها يهيئ لها أسباب الفوز والنجاة .
قال ابن قيم الجوزية : لما كان الصبر المحمود هو الصبر النفساني الاختياري عن إجابة داعي الهوى المذموم، كانت مراتبه وأسماؤه بحسب متعلقه.
فإنه إن كان عن شهوة الفرج المحرمة سمي عفة ، وضدها الفجور والزنا والعهر.
وإن كان عن شهوة البطن ، وعدم التسرع إلى الطعام ،وول مالا يحل منه سمي شرف نفس وشبع نفس ، وسمي ضده شرها ودناءة ووضاعة نفس.
وإن كان عن إظهار مالا يحسن إظهاره من الكلام سمي كتمان سر ، وضده إذاعة وإفشاء أو تهمة أو فحشاء أو سبا أو كذبا أو قذفا.
وإن كان عن فضول العيش سمي زهدا،وضده حرصا.
وإن كان على قدر يكفي من الدنيا سمي قناعة ، وضده الحرص أيضا.
وإن كان عن إجابة داعي الغضب سمي حلما ، وضده تسرعا.
وإن كان عن إجابة داعي العجلة سمي وقارا وثباتا ، وضده طيشا وخفة.
وإن كان عن إجابة داعي الفرار والهرب سمي شجاعة ، وضده جبنا وخورا.
وإن عن إجابة داعي الانتقام سمي عفوا وصفحا ، وضده انتقاما وعقوبة.
وإن كان عن إجابة داعي الإمساك عن البخل سمي جودا ، وضده بخلا.
وإن كان عن إجابة داعي الطعام والشراب في وقت مخصوص سمي صوما.
وإن كان عن إجابة داعي العجز والكسل سمي كيسا.
وإن كان عن إجابة إلقاء الكل على الناس وعدم حمل كلهم سمي مروءة.
فله عند كل فعل وترك اسم يخصه بحسب متعلقه . والاسم الجامع لذلك كله [الصبر]
وقد وصى الله عباده المؤمنين بالصبر فقال سبحانه: ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا و صابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون ) فأمرهم بالصبر وهو حال الصابر في نفسه،والمصابرة وهي حاله في الصبر مع خصمه ، والمرابطة وهي الثبات واللزوم والإقامة على الصبر والمصابرة ؛ فقد يصبر العبد ولا يصابر ، وقد يصابر ولا يرابط ، وقد يصبر ويصابر ويرابط من غير تعبد بالتقوى ؛ فأخبر سبحانه أن ملاك ذلك كله التقوى ، وأن الفلاح موقوف عليها.
وللصبر أقسام ثلاثة صبر،على طاعة الله قال تعالى: ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) أي اجلس مع الذين يذكرون الله ويهللونه ويحمدونه ويسبحونه ويكبرونه ويسألونه بكرة وعشيا ، يقال : نزلت في أشراف قريش حين طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يجلس معهم وحدهم ولا يجالسهم بضعفاء أصحابه ، فنهاه الله عن ذلك وأمره أن يصبر نفسه في الجلوس مع هؤلاء. وصبر عن معاصي الله قال تعالى: ( فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون). وصبر على أقدار الله المؤلمة قال تعالى: ( واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور) علم أن الإنسان في هذه الحياة في عناء ومشقة وأن الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر لابد أن يناله من الناس أذى ، فأمر سبحانه بالصبر على ذلك كله. وثواب الصبر عظيم لا يتقيد بعدد معين بل يعطى الصابر أجره بغير حساب قال جل وعلا في حق الصابرين ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) وفي صحيح مسلم عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك لأحد إلا المؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا )
وهذه معاذة امرأة صلة بن أشيم لما أتاها نعي زوجها وابنها جاءتها النساء فقالت إن كنتن جئتن لتهنئننا بما أكرمنا الله به وإلا فارجعن.

وكان صلة يأكل يوما فأتاه رجل فقال : مات أخوك قال : هيهات قد نعي إلي اجلس فكل ، قال الرجل ما سبقني إليك أحد.فقال صلة : قال الله تعالى : ( إنك ميت وإنهم ميتون ).

قال أبو يعلى الموصلي:
إني رأيت ـ وفي الأيام تجربة ـ *** للصبر عاقبة محمودة الأثر
وقل من جد في شيء يحاوله *** فاستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
قال الغلابي:
إني رأيت الخير في الصبر مسرعا *** وحسبك من صبر تحوز به أجرا
عليك بتقوى الله في كل حالة *** فإنك إن تفعل تصب به ذخرا
قال بعض الحكماء:
اصبر لكل مصيبة وتجلد *** وأعلم بأن المرء غير مخلد
وإذا ذكرت محمدا ومصابه *** فاذكر مصابك بالنبي محمد

فيجب على العاقل سلوك الصبر إذ به يرتقي من درجة الصبر إلى درجة الرضا فإن لم يرزق صبرا فليتصبر،ولو كان الصبر من الرجال لكان رجلا كريما إذ هو بذر الخير وأساس الطاعات.

منقول للفائدة

» حقيقة مثلث برمودا
» الصبر مفتاح الفرج والإستغفار من مفاتيح الجنة

حقيقة الصبر

حقيقة الصبر :: تعاليق

حقيقة الصبر

مواضيع مماثلة

مواضيع مماثلة