في دورته العادية الثانية عشرة سيتطرق مجلس حقوق الإنسان للتقرير الذي أعدته لجنة تقصي الحقائق في غزة بمشاركة أمريكية لأول مرة وحضور جميع الدول الأعضاء الدائمة العضوية في مجلس الأمن. فهل ستسمح هذه المشاركة النوعية للمجلس بالخروج من دوامة المواجهة التقليدية بين الكتل الجغرافية؟قضايا شائكة يعاد طرحهامن المواضيع المبرمج طرحها في هذه الدورة ما هو روتيني مثل إعادة مواصلة النقاش حول الحق في التنمية، والعدالة الانتقالية، وعقوبة الإعدام، وحماية حقوق الإنسان أثناء عمليات محاربة الإرهاب.
كما يدخل في هذا الإطار، الإستماع إلى تقارير العديد من المقررين الخاصين نذكر منهم المقرر المكلف بمحاربة أوجه الرق الحديثة، والمتاجرة بالأطفال، التضامن الدولي، الحق في الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، النفايات السامة، حقوق الشعوب الأصلية، أوضاع حقوق الإنسان في الصومال وأوضاع حقوق الإنسان في كمبوديا.
لكن بعض القضايا قد تثير حساسيات من جديد مثل قضية ثلب الأديان، أو موضوع العنصرية، أو مراجعة قرارات الدورتين الخاصتين لمجلس حقوق الإنسان المعنية بالأزمة المالية الدولية والثانية المعنية بأزمة الغذاء في العالم.
وإذا كان تعيين خبير خاص مكلف بالحقوق الثقافية يعتبر إجراء روتينا، فإن تعيين خبير خاص مكلف بأوضاع حقوق الإنسان في السودان قد يعيد المجلس إلى أجواء الجدل الذي عرفه في الدورة السابقة إذا لم يحصل على الإجماع. وكانت الدول الإفريقية والعربية والإسلامية تجندت في الدورة السابقة للمجلس من أجل إنهاء مهمة المقررة الخاصة في السودان السيدة سيما سمر بعد الإنتقادات الكثيرة التي وجهتها لها حكومة الخرطوم، وتم التوصل إلى حل وسط لاستبدال مقرر خاص بمجرد "خبير مكلف بمتابعة أوضاع حقوق الإنسان" في السودان.
وقد يكون الجديد في هذه الدورة تركيز النقاش لأول مرة على أوضاع المهاجرين المحتجزين في مراكز الإعتقال الإدارية، بحيث سيشهد يوم 17 سبتمبر نقاشا خاصا بغرض التوصل إلى تحرك دولي لمعالجة ظاهرة الإحتجاز الإداري للمهاجرين الذين يفتقرون إلى وثائق إثبات الهوية وهي الوضعية التي عادة ما تؤدي إلى تصرفات تنتهك حقوق المعتقلين. ومن المؤكد أن العديد من الدول الأعضاء في المجلس (سواء من الشمال أو الجنوب) ستجد نفسها معنية بهذا الموضوع خصوصا بعد تدهور الأوضاع في مراكز الإعتقال في جنوب إيطاليا أو على الحدود المغربية الإسبانية أو بسبب برامج الإعادة القسرية إلى ليبيا.
كما سيناقش المجلس المرحلة الثانية من برنامجه الخاص بتعزيز التكوين في مجال حقوق الإنسان في العالم، الذي من المقرر أن يُشرع في تنفيذه بداية من العام القادم.
ترقب ومناورات وتوتر في الأفقوستكون جلسة الاستماع لنتائج لجنة تقصي الحقائق حول الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة المرتكبة أثناء الهجوم الإسرائيلي ضد قطاع غزة (موفى ديسمبر 2008 - يناير 2009) الحدث الأهم المرتقب في هذه الدورة لمجلس حقوق الإنسان.
ومن المتوقع أن يخصص المجلس النصف الأول من يوم 29 سبتمبر للإستماع إلى تقرير المفوضة السامية لحقوق الإنسان حول إجراءات تطبيق قرارات الدورة الخاصة التاسعة المخصصة لأحداث غزة. ثم الإستماع بعد ذلك لتقرير لجنة تقضي الحقائق التي ترأسها القاضي الجنوب افريقي ريتشارد غولدستون، قبل فتح المجال أمام مداخلات الدول والمنظمات غير الحكومية.
وإذا كانت نتائج التقرير الذي سيقدمه القاضي غولدستون لم تعرف بعد، فإن بعض التحركات بدأت بالفعل سواء من طرف إسرائيل لمحاولة تحضير العواصم الغربية، أو من قبل رئيس المجلس لتفادي حدوث مشادات كلامية أثناء عرض التقرير.
فقد أرسلت إسرائيل وفدا إلى جنيف لمقابلة سفراء بعض الدول ولزيارة بعض العواصم الغربية بحثا عن الدعم. كما اجتمع رئيس المجلس بمندوبي السلطة الفلسطينية وإسرائيل بهدف حثهما على تليين عبارات النقاش أثناء عرض التقرير. كما شنت إسرائيل حملة خلال الأسابيع الماضية للتشهير بإحدى الخبيرات المشاركات في لجنة تقضي الحقائق.
ويتوقع عدد من المراقبين بأن لا يكون التقرير دون مستوى الشهادات التي أدلى بها شهود عيان في جلسات الإستماع التي نظمتها لجنة تقصي الحقائق في كل من غزة وجنيف في سابقة في تاريخ لجان التحقيق الأممية. كما توجد توقعات بأن تدين اللجنة في تقريرها بعض التجاوزات التي ارتكبها مقاتلو حماس بقصفهم صواريخ في اتجاه مباني مدنية في إسرائيل، ولو أنها تعترف لهم بأنهم "يعيشون تحت الإحتلال".
48 دولة أمام آلية الاستعراض الدوري الشاملأخيرا سيتولى مجلس حقوق الإنسان كالمعتاد ما بين 23 و 25 سبتمبر، إعتماد تقارير الدول الستة عشر التي قدمت تقاريرها في دورة الاستعراض الشامل السابقة ومن ضمنها اليمن، فإنه سيقوم أيضا بسحب القرعة لتحديد الجدول الزمني لاستعراض تقارير الدفعة السابعة والثامنة والتاسعة لآلية الاستعراض الدوري الشامل المبرمجة للعام 2010. كما سيحدد اللجان الثلاثية التي ستتولى متابعة تقارير تلك الدول.
وجدير بالذكر أن 80 دولة عرضت تقاريرها إلى حد اليوم أمام هذه الآلية التي أقرها المجلس عند تأسيسه، في حين ستخضع 48 دولة لهذا الإختبار خلال السنة المقبلة.
وللمرة الأولى منذ تدشين المجلس في يونيو 2006، ستغيب سويسرا عن عضويته الكاملة حيث تخلت عن مقعدها لسنة واحدة لكنها تواصل المشاركة فيه بصفة مراقب في انتظار العودة مجددا إلى عضوية كاملة ابتداء من سبتمبر 2010.
محمد شريف - جنيف -swissinfo.ch