محمد الأنصاري المدير العام
الجنس : تاريخ التسجيل : 25/01/2009 العمر : 49 الموقع : http://kwafl.blogspot.com/
| | السفر والسياحة من منظورٍ إسلاميٍّ | |
قال الإمام الشافعي: إرحل بنفسك من أرضٍ تُضام بها ولاتكن من فراق الأهل فى حرق فالعنـبر الخام روث فى مواطنـه وفى التغـرُّب محمولُ على العنق والكحل نوع من الاحجار تنظرُه فى أرضه وهو مرمىٌّ على الطرق لما تغـرّبَ حـاز الفضـل أجمَعه فصـار يُحمل بين الجفن والحدق *** *** *** ما في المُقام لذي عقلٍ وذِي أدَب من راحةٍ فدع الأوطان واغترب سافر تجد عوضًا عمن تفارقُـــه وانصب فإن لذيذ العيش في النصب مــا في المقام لذي لب وذي أدب معزة فاترك الأوطـــان واغترب إني رأيت وقوف المــاء يفسـده إن ساح طاب وإن لم يجر لم يطب والبدر لولا أفول منه مــا نظرت إليـــه في كلِّ حين عين مرتقب والشمس لو وقفت في الفلك دائمة لملّها الناس من عجم ومن عرب والأسد لولا فراق الغاب ما قنصت والسهم لولا فراق القوس لم يصب والتبر كالتبر ملقى في معادنـــه والعود في أرضه نوع من الحطب فإن تغرب هـذا عز مطلبـــه وإن أقـــام فلا يعلو إلى الرتب *** *** *** ومن فوائد السفر والسياحة فى الأرض مايلي: 1-التعرف على آيات الله في خلقه"أجناسهم"ألوانهم"ألسنتهم"عاداتهم وتقاليدهم"أفكارهم وثقافاتهم"طباعهم وأمزجتهم"ميولهم وهواياتهم..فيزداد قلب المؤمن إيمانا بخالقه وإجلالاً وتعظيماً له،وإقراراً بعظمته، وإقبالاً على طاعته، ورجاء عفوه ومغفرته..هذا صحيح المؤمن.. 2-التعرف على آيات خلق الله في الأرض واختلاف تكوينها وتضاريسها ومناخها ومعادنها وكنوزها وأنهارها وبحارها وثرواتها،وفوارق ليلها ونهارها، وحرها وبردها..قال تعالىإنَّ فِى خَلقِ السَّمَواَتِ وَالأَرضِ واختِلاَفِ الَّيلِ وَالنَّهَارِ لأَيَاتٍ لأولِي الأَلبَابِ.)سورة آل عمران الآية[190].. 3-الوقوف على أطلال الهالكين ودمن الغابرين وآثار الأمم ومصارع "الظالمين"و"المجرمين"و"الطغاة"و"الجبارين..قال تعالىأفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم ولدار الأخرة خير للذين اتقوا أفلا تعقلون.)سورة يوسف:الآية[109].. ففي ألمانيا مثلا تجد:مقر قيادة(هتلر)–الرايخ –الذي أطبقت جيوشُه في فترة من الزمن على روسيا ومعظم الدول الأوروبية..ثم أصبح أثراً بعد عين،وذكرى للتاريخ بعد هزيمة نكراء.. وفي إيطاليا تجد آثار الديكتاتور موسوليني،وما اقترفه من جرائم بحق الشعوب الأوروبية وبعض الشعوب العربية مستذكرين ثورة عمر المختار وانتفاضة الشعب الليبي المسلم..وتتذكر أن العاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.. وفي مصر تجد آثار الفراعنة الذين قال قائلهم يوما من الأيامأَنَا رَبُّكُمُ الأعْلَى.)النازعات[آية:24]؛فلا ترى إلا عظاما نخرة وجيفا منتنة.. وفي فلسطين تجد البحر الميت؛فتتذكرنا قصة آل لوط والمصير الأسود الذي لقيه أهل(سدوم وعمورة)بسبب فحشهم وشذوذهم..قال تعالىكذبت قوم لوط بالنذر، إنا أرسلنا عليهم حاصباً إلا ءل لوط نجيناهم بسحر) سورة القمر: الآية 34،33..ولا تكاد تمر ببقعة من بقاع الأرض إلا وتجد فيها من العبر ما يفوت الحصر..فتطمئن نفسُ المؤمن إلى أن العاقبة للمتقين والنصر للمؤمنين، وأن دولة الباطل ساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.. 4-ومن فوائد السفر والسياحة اقتباس العلوم واتساع المدارك والتنقل بين الحضارات واكتساب الخبرات وتعلم التجارب والمهارات..والتزود بالنافع المفيد منها..واكتشاف أسرار ثقافات الشعوب ومكتنزاتهم المعرفية ومبتكرات الحديثة وموروثاتهم العريقة من العلوم والفنون وما أنتجوه من قبل ومن بعد؛فالحياة مدرسة تتسع وتضيق بقدر اتساع أو ضيق دائرة تعرّف الإنسان عليها زماناً ومكاناً وظرفاً..والإنسان ابن محيطه..فمن كان حبيس بيته كان ابن بيته، ومن كان حبيس قريته أو مدينته أو بلده كان ابن هذه أو تلك.. أما من ارتحل في أرض الله الواسعة، يلتمس العبر،ويقلب الفكر،ويستطلع الأحوال والثقافات والمعارف والأعراف والتقاليد والتجارب..فإنه لا شك سيكون أوسع نظراً، وأعمق تصويراً، وأكثر خيراً، وأعظم أثراً،فهو سيكون ابن عصره والعصر أبٌ للكثير من البنين وهذا يعني كثرة الإخوان.. 5-الاعتبار بتفاضل الناس والبلاد ونفاوتها فى الغنى والفقر والجمال وضده والضعف والقوة..للإستفادة من تجارب الآخرين فى صراعهم من أجل البقاء بينما يتنعم آخرون بلذائذ الحياة ومتعها وشهواتها..ومعرفة حكمة الخالق سبحانه فى جعل الدنيا بيد قوم ونزعها من يد آخرين.. قال تعالىأَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضاً سُخْرِيّاً وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف : 32].. 6-السفر والسياحة باب من أبواب الدعوة إلى الله؛وقد بات الأمر سهلاً وميسوراً اليوم بعد أن كثرت المساجد والمراكز والمنتديات الإسلامية وانتشرت على امتداد العالم بأسره وقد أشار القرآن إلى شيء من ذلك فى قوله تعالىوما كان المؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون.)سورة التوبة:الآية 122. 7-من فوائد السفر أيضا المتاجرة والبحث عن الرزق الحلال فى الأرض فالسفر يمكن أن يكون باباً واسعاً من أبواب الإستثمار,وإقامة المشاريع الصناعية والتجارية والاقتصادية,وذلك بتبادل السلع من خلال عملية التصدير والاستيراد..والمشروع الإسلامي من خلال تكامله يحتاج إلى إلى القوة الاقتصادية,وبخاصة في عصر بات القرار السياسي مبيناً على الاعتبار الاقتصادي..ولا أدل على ذلك مما وصل إليه اليهود من هيمنة على اقتصاد العالم وقطاعاته السياحية والمصرفية والصناعية والزراعية وغيرها..ولقد أدرك الأولون من سلفنا أهمية هذا الأمر فشكلوا القوافل التجارية,وجابوا أقطار الأرض,يمارسون تجارة الدنيا والدين..وكانوا يتنقلون على الحمر والبغال والجمال..فيقصدون البلد تلو الآخر ولم تكن لديهم طائرات ولا سيارات وقطارات أو أي من وسائل النقل الحديثة.. 9-ومن فوائد السياحة الترويح عن النفس,والخروج من أسر الروتين المضني للجسم الممل للنفس عملاً بقول الرسول صلى الله عليه وسلم:روحوا عن القلوب ساعة بعد ساعة فإن القلوب إذا كلت عميت". فالسياحة تجدد النشاط,وتبعث الحيوية,وتشحذ الإرادة,وتصقل النفس, فيعود الإنسان إلى بلده وكأنه خلق من جديد,وخلقت معه طاقات لم يكن ليشعر بها,وفتحت أمامه آفاق لم يكن ليراها. 10-صلة الأرحام والتعرف على المسلمين فى الأرض وبلادهم ومعاناتهم وبذلك سيشعر المسلم بأن البلد الذي يحمل جوازه ليس هو بلده الوحيد بل إن بلاد الإسلام وطن لكل المسلمين ولا تمثل هذه الحدود الجغرافية وهذه الأوراق وهذه القيود الجديدة على المسلمين حقيقة الأمر إذ الحقيقة وَحدة الأمة الإسلامية دينا وقيما وعقيدة وسلوكا ومنهجا ووطنا وشعبا كما أن ربها واحد لا فرق بين لون وآخر وعرق وآخر إلا بالتقوى.. تقبلوا تحياتي وشكرا. | |
|